ساندى و البيت القديم قصة بقلم الكاتبة ناديه طه من مجموعتها القصصية الفيروس الجديد
كتبهاناديه طه ، في 8 أبريل 2012 الساعة: 14:40 م
ساندي
والبيت القديم
من المجموعة القصصية الفيروس الجديد للكاتبة ناديه طه
صدرت عام 2009 عن دار أكتب للنشر و التوزيع
ساندي فتاة جميلة في الخامسة و العشرين من عمرها
أنهت
دراستها بمعهد الباليه, و عملت باليرينا بالنادي الثقافي بقنصلية أجنبية
بالإضافة إلى عملها مع فرقة تقدم عروضا راقصة نالت شهرة كبيرة..
أتاح لها عملها بالقنصلية التعرف على العديد من الشخصيات الدبلوماسية و عقد صداقات متينة معهم أساسها الاحترام المتبادل…
كا
نت ساندي كالفراشة الحالمة تحلق بروحها إلى السماء و تلامس أقدامها السحاب
و هي تؤدى الرقصات بكل مشاعرها متقمصة شخصياتها الأسطورية المحببة إلى
قلبها مرتدية فستانها الأبيض الطويل و حذاء الباليرينا الذي يضم أقدامها
الرقيقة ليطير بها إلى دنيا سندريللا و سنووايت وفتاة تتحول لبجعة.. تطير..
تطير.. لا تشعر بالعيون الزرقاء الواسعة التي تتبع حركاتها بانبهار..
انه
البروفيسور هنرى والد يارا أحب فتاة إلى قلبها, كانت ساندى تحبها, فقط
لأنها جميلة متميزة و تحب البالية, كان د. هنرى متخصصا في علوم الفضاء و
لكنه يبدو شاعرا أو فنانا له استحوازعلى من يتحدث معه و غموض و هو يرتدى
ملابسه سوداء اللون و يشد قامته الرياضية الممشوقة معتزا بشخصيته و كأنه
ممثل سينمائي.
تقرب
هنرى من ساندي مظهرا لها إعجابه بجمالها و ذكائها و نجاحها في عملها..
ففرحت ساندي بهذا الاهتمام كثيرا فقد كان هنرى شخصية طاغية تتمنى كل فتاة
أن يعجب بها أو يلاحظ وجودها.
و
في يوم دعاها للاحتفال معه و مع مجموعة من الأصدقاء و الصديقات بعيد ميلاد
يارا ابنته التي فقدت حنان أمها و هي صغيرة و يعمل كل ما في وسعه
لإسعادها..
فشكرته على الدعوة و وعدت بتلبيتها لإسعاد يارا..
و في اليوم المحدد للاحتفال..
اشترت
ساندي دبدوبا أبيض لعبة ليارا و هي متأكدة أنه سيعجبها لأنها كانت تحب
الدباديب, ثم أغلقت حجرتها عليها تجرب ارتداء أجمل فساتينها.. نعم هذا هو
هذا الفستان السماوي الكريستال الذي يكشف عن جمال صدرها و ذراعيها الناصعة البياض.
و
تركت شعرها الأسود الطويل مسترسلا على ظهرها وارتدت حذاءها اللامع المرصع
بالمجوهرات و اكسسواراتها الغالية, ثم… كانت المفاجأة: لقد وجدت سيارة
أحدث موديل رائعة الجمال تنتظرها أمام بيتها و قد أرسل صاحب السيارة سائقه
الخاص لاستعجالها و تنبيهها إلى أن السيارة تنتظرها..
و
خرجت ساندي من باب البيت كأنها فينوس تشع جمالا و إشراقا, ففتح لها السائق
باب السيارة منحنيا أمامها باحترام فجلست على المقعد الخلفي لتفاجأ بوجود
هنرى في انتظارها و قد أزاح سقف السيارة لتداعب نسمات المساء شعرها الناعم
فتنثره على وجهها وجه الجالس بجوارها, رحب هنرى بها ممسكا بيدها مقبلا
أطراف أصابعها الرقيقة…
و
سارت السيارة بنعومة كأنها تسير على الهواء و صوت الموسيقى ينبعث حالما
بلحن لاف ستورى و القمر يطل عليهما من السماء مرافقا لهما مرسلا أشعته
الفضية لتتوج رأسيهما فلا يراه هنرى لانشغاله بقمره الجالس بجواره.. حتى
فوجآ بالسيارة تستقر بحديقة قصر هنرى و المدعوين يحيطون بها…
و
هبطا من السيارة لتسرع اليهما يارا الصغيرة لا تصدق هذه المفاجأة التى
أحضرها اليها والدها : ساندى حبيبتها .. فاحتضنتها بسعادة غامرة . و بدأ
الاحتفال بالغناء ثم اطفأت الأنوار ليقدم هنرى مفاجأته الثانية و هى صوت من
السماء لطائرة مسرعة ترسم خطوطا ملونة على السحاب مكونة أحرف تقول كل سنة
و انتى طيبة يارا و صورة يارا مطبوعة على القمر تومض بوميض أخاذ ..و أطلقت
صواريخ الاضواء و البالونات الملونة فى الجو حتى أصبح الليل نهارا .
و ارتفع صوت صديقات يارا قائلات: واو… يا بختك يا يارا ب باباكى..
ثم
ذهب الجميع الى التورتة الرائعة, المكونة من الشيكولاتة و الكريمة و
الآيس كريم و الفاكهة تتوسطها سفينة فضاء اليكترونية صغيرة تقودها فتاة
تشبه يارا ترتدى بذلة فضاء .. و حولها خمسة عشر شمعة ملونة, أطفأت يارا
الشمع وسط غناء الجميع و ضحكاتهم المرحة ثم قدموا لها هداياهم التى أسعدتها
كثيرا و خاصة الدبدوب الأبيض الذى أحضرته لها ساندى . و حان ميعاد الحفل
الراقص .
كانت ساندي أجمل فتاة مما دعا البروفيسور للرقص معها و استئثارها بالحديث طوال الحفل . و لاحظ الجميع اهتمامه الزائد بها .
أخيرا
صرح لها بأنه يريدها أن تعمل معه في برنامج للسفر إلى كوكب جديد تم
اكتشافه عن طريق تقنيات متطورة, و أنه اختارها لهذا العمل , كما رشح معها
مجموعة من الشباب لتدريبهم , و طلب أخذ موافقة أسرتها على التدريب ثم
السفر ,
و انتهى الحفل و عادت ساند لبيتها و هى هائمة بما حدث …
كانت أسرة ساندي متفتحة تريد لها النجاح و السعادة فلم يمانعوا أو يقفوا عقبة في طريق طموحها ..
لقد كان حلمها و أمل حياتها السفر إلى الفضاء فقد كانت و هي ترقص تغمض عينييها متصورة نفسها بين القمر و النجوم..
و
بدأت تدريبات البقاء خارج الجاذبية الأرضية و التعود على ارتداء ملابس
الفضاء و تناول طعام خاص و أداء تدريبات رياضية خاصة بالتنفس ..
و قد كان البروفيسور هنرى مدربهم موسوعة علمية بهر ساندي بعلمه الذي لا حدود له ..
أخيرا
حانت لحظة صعود مركبة الفضاء و الانطلاق بها مع البروفيسور و رفقاء الرحلة
الذين تدربوا معها .. . منى وورده و محمد و هشام …
و بدأت الرحلة كما هو محدد لها و تمتمت ساندي تقرأ آية الكرسي و تدعو الله بأن يحفظهم و يرعاهم ..
و
قبل أن تغادر المركبة المجال الأرضي , حدثت فرقعة ووميض ضوئي باهر و لم
تشعرساندى وزملاءها بشيء مدة من الزمن ترى.. هل انفجرت المركبة أم ماذا
؟؟
فتحت ساندى عينيها لتجد مركبة الفضاء تستقر على أرض, و في الأفق تبدو
السماء
برتقالية اللون .. انه وقت الغروب رغم أن السفر كان فجرا و لم يستغرقوا
وقتا طويلا ليكونوا في الغروب .. ارتدى هشام خوذته الفضائية و ثبت أنبوبة
الأكسجين ببذلته و هبط لسطح الكوكب لاستكشافه , ثم أرسل إشارة ضوئية
تخبرهم بأن المكان آمن و لا توجد أخطار , فهبطوا جميعا للخارج ..
يا
لروعة ما رؤوا , لقد كان المكان خاليا مصقولا كأنه مطار أعد لهبوط
الطائرات و به علامات على الأرض للإرشاد إلى الطريق .. و فوجئوا بمركبات
فضائية صغيرة الحجم كالأطباق الطائرة تطير محيطة بهم ثم تستقر حولهم
ليهبط منها أشخاص عاديين مثلهم تماما بادر قائدهم بالحديث قائلا : لماذا
ترتدون الخوذات و اسطوانات الأكسجين ؟ أنكم على كوكبكم .. كوكب الأرض
نظروا إليه مستغربين متسائلين فقال انكم في المستقبل ..
لقد كنا نرصدكم بأجهزتنا المتقدمة و قمنا بالتقاطكم حتى لا تتوهون في الفضاء
و الزمن , لقد اخترقتم حاجز الزمن بنجاح و الفضل يرجع لأستاذنا الكبير البروفيسور هنرى . ..
ماذا
… !!! نظروا جميعا إلى البروفيسور مذهولين منتظرين تفسيرا لما سمعوه
, فابتسم رافعا زراعية بطريقة مسرحية كأنه يحيي الجماهير المعجبة به قائلا
: نعم بكل فخر لقد كنت في زيارة لزمنكم فأعجبت بساندي الباليرينا الفاتنة
ففكرت في حيلة آخذها بها إلى زمني المستقبل فأحضرتها إلى هنا , و كذلك
كل واحد منكم به ما يميزه , و لا أريد أن أتركه يدمر بين أقوام مازالوا
متأخرين بالنسبة لحضارتنا و إنجازاتنا العظيمة …
هيا ستستريحون الآن بحجرات فندقية على شاطىء بحيرة تستجمون و تتخلصون من ذكرياتكم السابقة ثم تندمجون معنا في حياتنا ..
قالت
ساندي : و لكنا لم نطلب منك يا بروفيسور أن تصطحبنا معك إلى زمنك و لم
تستأذننا في ذلك و لو كنت أخبرتنا بنيتك هذه ربما لم نكن نوافق .
رد
قائلا : لا … لا .. آنستي الجميلة ستثبت لك الأيام اننى أسديت لكم خدمة
كبيرة و سيأتي يوم تشكرينني فيه على ما قمت به . ثم , هل كنتم ستصدقونني لو
قلت لكم اننى من المستقبل و سأصطحبكم معي إليه أم كنتم تعتقدون اننى مجنون
و تخدرونني و تحتجزونني بمصحة للأمراض العقلية ؟ ..
و يارا .ابنتك , هل تركتها وحدها و هي يتيمة بدون أم ؟ من سيرعاها ؟
ضحك
قائلا : يارا ابنتي , أنها روبوت .. إنسان آلي متقدم أو ما تسمونه أنتم
روبوت بشرى و تنام الآن بصندوق معنا حتى لا أحرمك منها , لأني أعرف أنك
تحبينها .
ستحتاجون لفترة ليست قصيرة للتأقلم معنا هنا فكل شيء يختلف عما تعودتم عليه ….. للأفضل بالطبع .
و
نظر البروفيسور لطبق طائر يربض بعيدا عنه فإذا بالطبق يتقدم إليه بلطف و
هدوء ثم قال موجها حديثه إلينا : هذا ليس سحرا كما تعتقدون بزمنكم , انه
تقنية التخاطر عن بعد مع الآلات و تتم عن طريق شرائح مثبتة بمخ كل واحد
فينا هنا , هيا اصعدي فتاتي الجميلة , سيكون لكل واحد طبق طائر مشابه و
معه مرافق يدله على الطريق ..
وارتفع
الطبق و البروفيسور يشرح لساندي الطريق و كيفية قيادة الطبق الطائر و
الارتفاع و الانخفاض به مستعرضا علمه أمامها , حتى هبط به أخيرا أمام
الحجرات الفندقية البللورية التي تستقرفى جزيرة بللورية على سطح بحيرة
بين النباتات العطرية المتسلقة و لها جدران و أرضية شفافة يظهر من خلالها
مياه البحيرة و نافوراتها ذات المياة الملونة التي تتناثر في أشكال جميلة
و الأسماك تبدو من خلالها في منظر بديع رائع ..
قال
البروفيسور : هذه حجرتك آنستي الرقيقة , خذي راحتك و نلتقي غدا إن شاء
الله . تصبحين على خير كما تقولون بزمنكم . أما نحن فلا نحتاج للنوم كثيرا
مثلكم إننا ننام فقط خمس دقائق أو أكثر قليلا .و لا تقلقي من عدم وجود
أبواب فلا توجد سرقات و لا رغبات تستدعى ذلك .
أما
إن احتجت للخصوصية فمري بيدك على هذه البقعة الخضراء بجوارك تسدل ستارة
تحجبك عن الخارج , أقصد تمنعك من رؤية ما بالخارج و أيضا تخفى مدخل الحجرة
كأن لها باب مغلق . و انصرف …
فسارعت
ساندي بإغلاق الستارة الالكترونية فور خروجه ..و أخذت تفكر فيما حدث و في
موقفهم جميعا و موقف أسرهم التي تنتظر عودتهم أو على الأقل أخبار عن
رحلتهم المزعومة حتى غلبها النوم و استيقظت على صوت جميل لتغريد الطيور .
…
رفعت
الستارة الالكترونية لترى منظر رائع للشمس المشرقة تنعكس أشعتها على سطح
البحيرة و الطيور تستحم بالضياء و الماء معا .. خرجت ساندي تتمشى و تتفرج
على الطبيعة الخلابة حولها و تحت أقدامها فى أعماق البحيرة و الطيور
المحلقة لتستقر على المياة حتى وجدت أصدقائها الذين حضروا معها منى
ووردة و هشام و محمد يجلسون تحت خميلة من الياسمين أمامهم افطار على منضدة
مكون من الفواكه و الفطائر و البيتزا و الشاي .
بادرتهم
بتحية الصباح فردو التحية مبتسمين , و قالت منى : عرفت ما تخبؤه لنا
الأقدار يا ساندي ؟ يبدو أننا لن نعود لأسرنا مرة ثانية ..
فسمعوا صوتا مرحا يقول : و لماذا تعودون يا عزيزتي ؟ أراهنك أن هذه المرة الأخيرة التي سأسمع فيها هذه الكلمة منك ..
لقد كان البروفيسور هو المتحدث
-
هل أعجبكم الإفطار ؟ لقد صنع خصيصا من أجلكم فنحن لا نأكل هذا الطعام إلا
نادرا جدا , أ ما طعامنا الحقيقي فهو الطاقة لأننا مزيج من الشرائح
الكمبيوترية و العضلات الصناعية و الأعضاء الداخلية البشرية التي نقوم
باستبدالها كل فترة وفقا لانتهاء عمرها الافتراضي أو تعرضها للمرض .
و هذه حالة نادرة جدا لعدم وجود أمراض هنا .
سأل هشام مستغربا : و ماذا عن الطعام العادي ؟
- الطعام العادي نختزن فائدته بكبسولات و عصائر بها كل الفوائد الصحية و نبتلعها , كأنها وليمة من الزمن الغابر .
سآخذكم بجولة لتتفرجوا على المدينة و تتعرفوا على قدراتنا المذهلة ..
و أخذهم بجولة سيرا على الأقدام …
المزروعات تملأ الطرق و لا توجد سيارات و لا قطارات و لا حتى أطباق طائرة .
فجأة
لمحوا طيورا عملاقة تظهر من بعيد , أخذت في الاقتراب لتتضح أنها بشر
يطيرون , لاحظ البروفيسور ذهولهم فقال مفسرا: إننا نتنقل باستخدام أجهزة
دقيقة نفاثة نثبتها بأجسادنا تعمل على إلغاء الجاذبية الأرضية لو أردنا
الارتفاع فوق سطح الأرض و التحكم في الهبوط بسلام , و قد استطعنا تخطيط
الجو كالطرقات بألوان شفافة كقوس القزح لعدم حدوث تصادم في طبقات الجو بين
الطائرين . و غير ذلك نستطيع السفر الآني أي الآن في نفس اللحظة بين
الأزمنة المختلفة سواء في الماضي أو المستقبل و بدون مركبات فضائية .
سأل أحمد : و لكن لو أراد شخص نقل شيء ثقيل أو حقيبة أو صندوق , ماذا يفعل ؟
آه
.. سؤال جميل .. لقد استطعنا التحكم في تحويل المادة لطاقة و نقلها ثم
تحويلها لمادة مرة أخرى في المكان الذي نريد نقلها إليه بمجرد التخاطر
العقلي معها و تصل سليمة بدون أن ينقص من ذراتها شيء و كما هي و بسرعة
الضوء ..
ماذا تقولون في ذلك ؟ نظرنا إليه مستغربين , فقال : كما ترون لا يوجد تلوث بسبب عوادم السيارات كما عندكم و لا توجد حوادث ..
أما
البيع و الشراء فيتم بالاستبدال .. أنا أنتج سلعة سواء زراعية أو مصنعة
ليست موجودة عند غيري و أستبدلها بأخرى أحتاج إليها . و لذلك فالكل يعمل ,
لا يوجد تعطل و لا بطالة .. مع وجود نقود لمن يريد أيضا .
و
كما ترون لا توجد أبواب مغلقة و لا خزائن و لا شرطة لعدم وجود سرقات فقد
تم إزالة " الجينات " الو راثية التي تحمل الصفات السيئة من أجسادنا , و
سيتم تهيأت كم أنتم أيضا و إزالتها منكم لتستطيعون العيش معنا و تكونوا
مثلنا .. مثاليين …
مرت
أسرة مكونة من أب و أم و ابن و ابنة أمامنا .. كانا في غاية الجمال و
التناسق الخلقي .. تشبثت أنظارنا بهم مبهورين بالجمال و الروعة التي نراها
فقال البروفيسور : لا نعترف هنا بنظام الأسرة التقليدي و لكن يوجد بنك
للأطفال و من يريد طفلا يختار المواصفات التي يريدها مثلا : لون العينين و
الشعر و البشرة و الطول و مستوى الذكاء و المهارات و ولد أم بنت و هكذا كل
هؤلاء الأطفال ملك للدولة تنتقل ملكيتهم لآبائهم بالتبني لمن يريد الحياة
مع رفيقة له تكون كالزوجة و يكونوا معا أسرة تحت رعاية الدولة و لو أساء
أحد الوالدين معاملة الأطفال و هذا افتراض نظرى لعدم وجود ذلك يتم
حرمانهم من حق رعايتهم و تبنيهم ..
لقد
تم نزع " الجينات " المسببة للرغبات الجنسية و النزاعات الطبقية و أصبح "
الإنجاب " لتحسين الذرية و الرقى بها و ليس لمجرد " التكاثر " القبلي فقط
كما أن نزع الرغبات الجنسية قضت على الشذوذ الجنسي الذي قد يكون موجودا
ببعض الأفراد و كان يسبب مشاكل أخلاقية و عقائدية في الزمن الماضي .
كما أن الاستنساخ البشرى يقضى على الأمراض كالايدز و العقم ..
و يحسين قدرات الفرد عن طريق الجينات ليكونوا أفرادا مثاليين ..
مثلا
أنا عندى ابنة اسمها يارا التى تعرفونها بدون أن أتزوج لانى لم أقع فى
الحب فالحب عندنا لا يختلط بالرغبات الجنسية مثل ما هو معروف عندكم و ليس
له شروط و مواصفات كما عندكم .. قمت باختيار صفاة يارا الجسدية و العقلية
و النفسية فهى لا تمرض و لا تموت و لا تسبب لى الحزن و لا القلق .
و
الآن أنا أحب ساندى و أريد أن أكون معها أسرة و سأصنع منها أطفالا
يشبهونها و لكن عن طريق الاستنساخ من الخلايا الجسدية و ليس عن الطريق
المعروف لديكم .
غدا
إن شاء الله ستجرى لكم عمليات لتهيئتكم مثلنا فندمج بأجسادكم أجهزة و
عضلات صناعية و شرائح تقوى عقولكم و أبصاركم لمضاعفة قدراتها بالعيون
الالكترونية فترون لمسافات شاسعة , و سنغير أسماءكم لأرقام قليلة ..
قلت له : بعد كل هذا التقدم هل مازلتم تؤمنون بالله ؟
بالطبع
عزيزتي و لكن كل إنسان حر في اعتناق ما يشاء, مادام لا يتعدى على حرية
غيره بما يعتقده و لا يفرض طقوس على الآخرين و لا يزعزع إيمانهم بدينهم
أو يشكك في تدينهم ..
أما
عن الاستنساخ فنحن لا نخلق و لكن الخالق هو الله نحن فقط نأخذ خلية حية و
بويضة حية أى لا نخلق الروح و لكن الله هو الذى خلقها ..
و
لا تنسى عزيزتى أن الله سبحانه و تعالى هو الذى يعلم الانسان مالا يعلم و
سخر له العلم للخير و ليتغلب على الأمراض التى لا علاج لها كالايدز مثلا و
هو القادر على كل شىء فلا حدود لقدرته و لا توجد آية قرآنية تمنع الانسان
من التزاوج عن غير طريق التكاثر المعروف ..
هيا سنعود الآن إلى حجراتكم و غدا إن شاء الله تجرى لكم عمليات التهيئة و الإعداد اللازمين ..
ما إن وصلوا إلى حجراتهم حتى انتقلوا جميعا إلى حجرة صديقهم هشام لوضع خطة للهرب ..
ساندي
: لقد شرح لي البروفيسور الطريق إلى مركبتنا الفضائية و النفق الذي تكمن
فيه , لابد من التحرك الآن فورا لكسب الوقت و التظاهر بأننا نتجول
بالمدينة بالأطباق الطائرة ثم نذهب لمركبة الفضاء و نكون بذلك في أمان .
و
أسرعوا بالخروج ليجدوا الأطباق الطائرة تقبع بالقرب من حجراتهم كما
هي بلا حراسة لعدم وجود سرقات فأسرعوا بالركون و قيادتها التي كانت سهلة و
الارتفاع بها إلى الممر الفضائي الذي هبطوا به … ليجدوه خاليا و
البروفيسور يقف في انتظارهم مبتسما قائلا : هل نسيتم شيئا هنا ؟ أعتقد
مركبة الفضاء .. لقد تم تجزئتها ووضعها في متحف لأبحاث الفضاء ليرى الأطفال
وسائل المواصلات القديمة ..
هيا
حان ميعادكم .. بعد ساعات قليلة ستصبحون مختلفين تماما و لا تفكرون في
الهروب .. و سلط عليهم أشعة تخرج من عينيه فخفت أوزانهم و طاروا في
الفضاء متجهين إلى مبنى كبير يشبه المستشفيات في زمنهم ..
و سمعت ساندي صوتا ينادى عليها : ساندي .. ساندي .. استيقظي حبيبتي ..
و فتحت ساندي عينيها لتجد أختها هبة فعانقتها بسعادة و هي تقول :
هبة … لقد فعلتي أجمل شيء في حياتك الآن عندما أيقظتينى من نومي ..
هبة
: هيا أسرعي لارتداء فستانك الجميل لتذهبي لحفل عيد ميلاد يارا , لقد
أرسل البروفيسور سيارته و سائقه الخاص لاصطحابك للحفلة .. أريدك أن تكوني
أجمل فتاة في الحفل ..
صرخت
ساندي قائلة : لا … أرجوك أنا أحب بيتنا هذا القديم ولا أريد الذهاب
إلى حفل يارا . قولي للسائق : ساندي تعتذر لأنها مريضة .
بهتت هبة من المفاجأة و لكن لم تحك لها ساندي عن الكابوس الذي رأته خوفا من أن يتحقق ..
تمت / ناديه طه
من المجموعة القصصية الفيروس الجديد
دار أكتب للنشر و التوزيع عام 2009